من خصائص سورتي الفلق والناس
حول الحديث عن خصائص سورتي الفلق والناس وفضلهما، فإنّ لقراءة كل منهما فضائل كثيرة، والتي وردت بسُنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن تلك الخصائص والفضائل ما يلي:
- أنّ بقراءة المعوذتين شفاءٌ لمن يريد الاستشفاء بهما؛ ويستدل على ذلك بما ورد في حديث أم المؤمنين السيّدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا اشْتَكَى يَقْرَأُ علَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذاتِ ويَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وجَعُهُ كُنْتُ أقْرَأُ عليه وأَمْسَحُ بيَدِهِ رَجاءَ بَرَكَتِها).
- تكفي قراءة المعوذتين من يقرؤهما من كلّ أذى وشرّ، حيث قد علّمهما النبي صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه رضوان الله عليهم حينما سألوه ماذا عليهم أن يقولوا ليكفوا، فقال: (قل هو الله أحد والمُعَوِّذَتينَ حينَ تُمسي وحينَ تُصبحُ ثلاثَ مراتٍ تُكفيك مِن كلِّ شيءٍ).
- أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقراءة المعوذتين عقب كلّ صلاة.
- تعد المعوذتين من أفضل الآيات بكتاب الله وأبلغها وذلك وفق ما ورد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟! {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، وَ{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ).
- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان دومًا يستعيذ من الجنّ وذلك قبل نزول المعوذتين، وحين نزلتا كان عليه الصلاة والسلام يقرؤهما ويترك كل شيء غيرهما.
سورة الفلق
سورة الفلق واحدة من قصار السور، ويبلغ عدد آياتها خمس آياتٍ، وقد اختلف في مكان نزولها أهل العلم، حيث قال عكرمة والحسن وجابر وعطاء إنّها مكيّةٌ، في حين قال قتادة وابن عباس إنّها مدنيةٌ، وأغلب الروايات تقول أنَّ نزولها في الترتيب كان مبكّراً؛ وهو ما يدل على أنَّه كان في مكّة، علاوةً على أنّ أسلوب السورة يسوِّغ تبكير نزولها وترجيح مكيّتها.
فضل سورة الفلق
سورة الفلق هي سورةٌ قرآنية عظيمةٌ، حيث ترتّب عليها الكثير من الفضائل، ولعلّ من أهمها حفظ وتحصين العبد من كلّ حسد وشرٍ، والاستعاذة من الشيطان ومن شروره أيضاً، ومن الجن والعين والحسد؛ ، وقد ورد بفضلها الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة، رمنها:
- قال الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم للصحابي الجليل عقبة بن عامر رضي الله عنه (يا عقبةُ أَلا أُعَلِّمُكَ سِوَرًا ما أُنْزِلَتْ في التوراةِ و لا في الزَّبُورِ و لا في الإنْجِيلِ و لا في الفرقانِ مثلهُنَّ ، لا يأْتِيَنَّ عليكَ [ليلة] إلَّا قرأْتَهُنَّ فيها ، قُلْ هُوَاللهُ أحدٌ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ).
- ورد عن ابن عابس الجهني رضي الله عنه، عن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال (يا ابنَ عابِسٍ، ألَا أُخبِرُك بأَفضَلِ ما تَعَوَّذَ به المُتَعوِّذونَ؟ قال: قلْتُ: بلى. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، هاتَينِ السورتَينِ).
- ورد عن الصحابي عبد الله بن خبيب رضي الله عنه أنّه قال: (خَرَجْنا في ليلةِ مَطَرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نَطْلُبُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فأَدْرَكْناهُ، فقال: قُلْ، قلتُ: ما أقولُ؟! قال : {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؛ والمَعُوذَتَيْنِ، حين تُصْبِحُ وحين تُمْسِي ثلاثَ مراتٍ؛ تَكْفِيكَ من كلِّ شيءٍ)، ويُراد بالمعوذتين: سورتي الفلق والناس.
- عن الصحابيّ الجليل أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه أنّه قال (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يتعوَّذُ منَ الجانِّ وعينِ الإنسانِ حتَّى نزَلتِ المعوِّذتانِ فلمَّا نزلَتا أخذَ بِهِما وترَكَ ما سواهما)، فقد كان الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم يُعلِّم الصحابة الكرام الرُقى والأدعية الحافظة لهم من السوء والشرور بإذنه تعالى، ومن أعظم هذه الرُقى هي سورة الفلق مثلما ورد بالحديث الشريف.
مقاصد سورة الفلق
تضمنت سورة الفلق العديد من الحكم والمقاصد الجليلةٍ؛ حيث بها تربيةٌ ربانيةٌ لكي يستعيذ كل مسلم بالله سبحانه من أسباب الهواجس والمخاوف، والشرور جميعها ما ظهر منها وما بطن، وذلك من خلال الاعتماد على مقدرة الله جل وعلا ونبذ كل ما سواه، فهو خالق ومدبر الكون، حيث قال الله تعالى في سورة الفلق الآية 1، 2 : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِن شَرِّ مَا خَلَقَ).
والفلق في اللغة يعني الصُبح، حيث إن الله تعالى يُعلِّم عبادَه بسورة الفلق أن يلجئوا إليه، والاستعانةَ به جل وعلا من كلّ المخاوف والشرورِ، كما وبها استعاذةٌ بالله سبحانه من ظلمة الغاسق، وهو ما يقصد به الليل، وذكر في بعض التفاسير أنّ معنى الغاسق إذا وقب هو القمر إن دخل بالكسوف، وهو ما قال به الله تعالى في الآية الثالثة منها (وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ).
وفي السورة كذلك استعاذةٌ بالله جل وعلا من شر الحسدة والسحرة، فقال تعالى في الآيات الرابعة والخامسة (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).
سورة الناس
سورة الناس سور مكيّة، من قصار السور، وترتيبها بالمصحب الشريف هو السورة رقم مئة وأربعة عشر، فهي آخر سورة بالجزء الثلاثين، وذلك الترتيب يتعلق بترتيبها في المصحف بين سور القرآن الكريم، وليس الترتيب من حيث النزول، كما ونزلت سورة الناس عقب نزول سورة الفلق، ويبلغ عدد آياتها ستّ، وهي واحدة من المعوذتين، وسُمّيت سورة الناس بذلك الاسم لأنها بدأت بكلمة الناس.
مضامين سورة الناس
بسورة الناس الكثير من المضامين العظيمة، حيث إنّ بالسورة الكريمة استعاذة بربّ الناس من شر الجن والإنس، وبها استجارة بالله سبحانه بصفتِه مالكَ الناس وإلههم ومصلحهم وربهم، الذي لا بد أن يستعيذ به جميع الناس، حيث إن الله جل وعلا هو الملجأ والمنجي الذي يكون كل الملوك والعظماء دونه، كذلك تتضمّن سورة الناس استعاذة من الشيطان وشره، حيث إن الشيطان يجري مجرى الدم من الإنسان، وبالوقت ذاته تتضمن استعاذة من كل شياطين الإنس؛ حيث يوجد نوعان من الشياطين: شياطين الجن وشياطين الإنس، حيث توسوس شياطين الجن بالصدور، في حين تأتي شياطين الإنس بشكلٍ مُعلَن وتوسوس، لذا ينبغي أن يتم الاستعاذة من كلا نوعي الشياطين.
فضل سورة الناس
من فضائل سورة الناس أنّها تعد رُقية لمن قرأها، حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان دومًا يقرأ سورة الفلق وسورة الناس ويرقي بهما نفسه، وقد ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم (أنّه كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث، كلما اشتدّ وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها)، ومن فضائل سورة الناس أن من يقرأها ويقرأ سورة الفلق بليلة كَفَتاه؛ لما بهما من تعويذًا من شياطين الجن والإنس، ويُستحب أن يتم قراءتها ثلاث مرات بالصباح وثلاث مرات بالمساء، وقراءتها حين المبيت وعند المرضى، ويُستحب كذلك أن يتم تعويذ الأبناء بها، بالإضافة إلى تعويذ المسحورين، ومن فضل سورة الناس أنّ بها إثباتًا للربوبية، وإثبات لألوهية الله سبحانه وحده، وأنّ الملك لله وحده.
سبب نزول سورة الناس
نزلتْ سورة الناس لتصبح رقية للرسول صلى الله عليه وسلم، وورد بقصة نزولها: أنه كان غلامًا من اليهود يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى اليهود إليه وطلبوا منه أن يأخذ مشاطة الرسول صلى الله عليه وسلم وأسنان من مشطه لكي يسحروه، فأعطاهم ما طلبوا فسحروه بها، وكان من تولى ذلك الأمر لبيد بن أعصم اليهودي، ثمّ وضعها ببئر يتبع لبني زريق تعرف ببئر ذروان، وقد أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المرض وانتثر شعر رأسه، وكان يرى أنه يأتي نساءه ولكن لا يأتيهنّ، وأخذ يدور دون أن يدري ما حدث له.
وحين كان نائم ذات ليلة أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه الشريف والآخر جلس عند رجليه فقال الذي جلس عند رأسه: (ما بال الرجل؟ قال: طب قال: وما طب؟ قال: سحر قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي قال: وبم طبه؟ قال: بمشط ومشاطة قال: وأين هو؟ قال: في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان. والجف: قشر الطلع والراعوفة: حجر في أسفل البئر يقوم عليه المائح. فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عائشة ما شعرت أن الله أخبرني بدائي، ثم بعث علياً والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا هو مشاطة رأسه وأسنان مشطه، وإذا وتر معقد فيه أحد عشر عقدة مغروزة بالإبر).
فأنزل الله سبحانه سورتي المعوذتين فأصبح كلما قرأ آية تنحل عقدة، ووجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة إلى أن انحلت العقدة الأخيرة فقام كأنما نشط من عقال، وجعل جبريل عليه السلام يقول: بسم الله أرقيك من كلّ شيء يؤذيك ومن حاسد وعين الله يشفيك. فقالوا: يا رسول الله أو لا نأخذ الخبيث فنقتله فقال: أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شرًا).
تعليقات
إرسال تعليق